Rainbow Graphics - http://www.myrainbowtext.com

وَدَعَةْْ1 المَليكةْْ

|

وَدَعَةْْ(1) المَليكةْْ

منذُ القِدَمْ جعلتِ التلَّ عرشاً يا مَليكهْ

أتقنتِهِ صُنعاً و بالعسجَدِ الغالي طَلَيتِ

تميَّزَ العرشُ .. تفرَّدَ في الإبداعِ والوَهَجِ

كأنَّ من بِلقيسَ جاءكِ إذ طَلبتِ

جعلتِ من فافا(2) المُعظَّمِ رمزَ مجدٍ

فصار المجدُ تاجاً فوقَ رأسكِ ما حَييتِ

و أشجارٌ بوادينا الخصيبِ بدت كرَسمٍ

على قدميكِ بالحناءْ طَبعتِ

وذاك الدونكي(3) تحتَ التلِّ صامدْ

يضخُ الماءَ صفواً فإرتويتِ

لهُ صوتٌ كضربِ الطبلِ يعلو

يملأُ الأجواءَ لحناً فإنتشيتِ

وخزَّانٌ بديعُ الشكلِ في الطرفِ القصيِّ(4)

يعُجُ بالأنعامِ .. جاءت للسِقاءِ فما بخِلتِ

ثم يرقُدُ صامتاً صيفاً طويلاً

ليأتي الدورُ من بعدٍ لأبارٍ حفرتِ

و أسرابٌ من الطير ِالبديعِ تهادتْ

شقشقتْ أغرتكِ التحيــَّةَ فإبتسمتِ

وحين البدرُ أهدى ضوءهُ لكِ في دلالٍ

علتْ أهازيجُ الصِغارِ وبلهوِهِم فَرحاً سَهرتِ

حتى إذا الأسحارُ بالأذكارِ فاحتْ

سجدتِ للرحمنِ شُكراً وابتهلتِ

كساكِ السُندُسُ الزاهي خريفاً

وايامَ الحصادِ أرى ذهباً لبِستِ

فكنتِ أجملَ الملِكاتِ في الأرجاءِ طُرَّاً

وفي كلَّ المواسمِ بالإعجابِ فُزتِ

حتى الرمادة لم تنلْ من حُسنِكِ الفتَّان شيئا

تراجعت اللئيمةْ أمامَ صبرِكِ فإنتصرتِ

ووقفتِ دوماً كالجدارِ بوجهِ سيلٍ

من المِحَنِ العِظامِ وما وجِلتِ

وبلا ضجيجٍ ذُدتِ عن تلٍّ ووادٍ

وأعظمُ الإنجازِ ما يأتي في صمتِ

قبلَ الرِضاعِ سقيتِ وليدَنا شرفاً رفيعاً

ومن معدنٍ صلبٍ بعد الفِطامِ بنيتِ

ناديتِ بالقِيمِ الأصيلةِ والسلامِ

فتأصَّلتْ فينا الفضيلةُ ما سَعيتِ

وهذي الحفاوةُ والقِرى من بعضِ طبعٍ

كريمٍ .. يا مَليكهْ به جُبِلتِ

فكم بذلتِ الجهدَ إكراماً لضيفٍ

فغارَ النحلُ من عَرَقٍ سكبتِ

ومن كلِّ الجهاتِ هِجْراتً توالتْ

إليكِ .. فصرتِ بوتقةً صَهرتِ

آخيتِ بينَ الناسِ والأعراقِ جمعاً

وكنتِ بمنزلةِ القبيلةْ لخَشْمِ بيتِ(*)

في العلمِ ظلَّ السَبقُ سَبقُكِ يا مَليكهْ

كنتِ المنارةْ ولكلِّ مُجتهدٍ يداً مددتِ

خرَّجتِ أجيالاً من النُجَباءِ صاروا

هُمُ الطليعةَ في الورى أنَّى نظرتِ

ودعةْ الوديعةْ حسناءُ التِلالِ .. مَليكتي

سلِمتْ يداكِ .. نِعمَ العطاء بذلتِ

يحميكِ قيومُ السماءِ بحولِهِ

ويهدي خُطاكِ إلى ذُرى مجدٍ نشدتِ

فلنشكر الوهَّابَ رزَّاقَ العِبادِ بجودِهِ

فمن آلائهِ الكُبرى أنْ كُنتِ أنتِ

..................................

(1) ودعة : بلدة الشاعر

(2) فافا:جبل شهير سميت به المنطقة (دار فافا)

(3) الدونكي: البئر الإرتوازية

(4) الخزَّان :سد ترابي لحجز مياه الاودية خريفا

(*) خـَشِــمْ بـَيــْتْ: فرع من القبيلة.

............................................

ـ نُشرت هذه القصيدة فى موقع دنيا الرأى رابط :

http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2011/11/23/243568.html