Rainbow Graphics - http://www.myrainbowtext.com

نَشَازُ الغابةْ

|

نَشَازُ الغابةْ

تعالت الأصواتُ بالإنْشادِ والخُطَبِ

كانت نَشازاً ما تناغَمت أبدا

فأيَّةُ سِيمفونيَّةٍ يا تُرى تأتى

ممزوجة بفَحيحِ المارِدِ الكُوبرا؟

بعواءِ ذئبٍ غادرٍ مُتربصٍ

بأنَّةِ ظبيٍ كريمٍ خَرَّ مٌحتضِرا؟

ذابَ الهديلُ حينَ النَعِيقُ طغى

ضاعت ترانيمُ لمَّا النَهِيقُ هبَّ مُنطلِقا!

الكلُ يدَّعي حُبَّاً للغابةْ عازتِنا

وغابةُ الحُسنِ لم تفهمْ لِمَ الضَجََّةْ؟!

كمْ أَضَعْنا بالحبِ المُفتَرى وقتاً

رقصنا .. طرِبنا عُقوداً دونما جَدوى

صارَ إنتاجُنا خُطَباً مُدَويَّةً

ودندناتٍ على وترِ الأشجانِ والذِكْرى!

وكمْ قتلنا بسمةً ظلَّت تُطالعُنا

كنسمةٍ خريفيٍَّــةٍ سَرَتْ بِرِبوعِنا العطْشى

أو كنجمٍ كريمٍ بثَّ في البَهيمِ سََناً

مِثلَ الشُعاعِ أنارَ لتائِهٍ دَربا

قتلنا البسمةْ في مُحَيَّاكِ يا عازةْ (*)

يومَ أنشدنا لإنجازٍ لم يكن أبدا!

وحين إعتصمنا الظِلَّ في مَوسِمٍ رَطبٍ

لم نصحو منه إلا بعدَ الجفافُ أتى

ولما دَبَّت بيننا الفُرقَةْ .. راجت الفِتَنُ

فكانت ضَروساً وكنا عَبْساً وذُبيانا

ولما ضاعت نخوةٌ كانت تميِّزُنا

عبر القرون لم نجدْ لها مَثَلا

تمادَينا سرقنا جَهْرةً عازةْ

سِجَِّادَها العجمي .. عِقْدَها الماسي والذهبا

فبدت كالدوحةِ الشماءِ من بعدِ عاصفةٍ

هوجاء هبَّتْ .. لم تُبْقِ لحُسنِها أَثَرا

إلا الشموخُ أبَى أن ينحني أبدا

عبر القرونِ ظلَّ الهامُ مُرتفِعا

قامةٌ بطولِ نخيلِنا إنتصبتْ

تجذَّرتْ بعُمقِ النيلِ في حَلفا

فداءً كُنتِ يا عازةْ .. كُنتِ ملحمةً

في شِيكانَ(1) ..في كرري(2)..في الجزيرةْ أبا(3)

كنت الرايةَ المرفوعةْ في الخرطومِ عاليةً

في نمولي(4) ..في مروي(5).. في فاشرِ السلطانِ(6).. في كسلا(7)

فماذا جرى لبنيكِ الغُرِّ يا عازةْ

حتى أحالوكِ غاليتي إلى منفى؟!

هل صِرنا رمادًا لنارٍ تلاشى أُوارُها

أم غُثاءً لسيلٍ؟ .. لا لا قدَّرَ المولى

فبعدَ السيل يأتي من البُعدِ كاسِحاً

يُدمِّرُ الدارَ والمحصولَ والمرعى

تنبتُ أزهارٌ لِطافٌ وزُنبقٌ

وتلكَ غاليتي هي البُشرى

................................

(*)عازة : السودان

(3،2،1) مواقع شهدت معارك ضارية ضد المستعمر خلال الثورة المهدية.

(7،6،5،4) مدن سودانية شهيرة تمثل الجهات الأربع للوطن.

................................

ـ نُشرت هذه القصيدة فى موقع دنيا الرأى رابط :

http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2011/11/22/243506.html