العودة إلى دارفور
لعُمري كيفَ الوصولُ إلى الغاياتِ يوماً
إذا كناْ لا ندري اين الطريقْ ؟
وكيفَ وقد تفرَّقنا أيدي سَبأ
نكصنا لانتماءاتِ القبيلةِ والعُروقْ؟
وتحكَّمتْ فينا المطامِعُ والفسادُ
فأضمرنا العداوةَ للجِوارِ وللصديقْ
ثم رُحنا نُشعِل النيرانَ حِقداً
نقتلُ الأطفالَ والأنعامَ نذبحُ أو نسُوقْ
كم بَعُدنا عن ثرى دارفورِ رُوحاً
وكم شطَطْنا في البعادِ فأزدادَ العُقوقْ
إذاً هيَّا إلى الأُمِّ الأسيرةِ نفتديها
نفُكُ عنها ذلكَ القيدَ العتيقْ
كي تعود إلى ذُرى العلياءِ تسمو
فمن عَشِقَ العَلياءَ لا ذُلاً يُطيقْ
لكنْ فداءَ الأُمِّ يكمُنُ في الرجوعِ
إلى القيمِ الأصيلةِ و الرحيقْ
إلى نجدةِ المُلتاعِ مِنا والفقيرِ
و بذلِ الوُدِّ للجارِ البعيدِ وللصيقْ
تلك هي الغايات ما طُلبتْ نجاةٌ
وما قُصِدَ الخروجُ من نفقٍ عميقْ
لكنْ كيفَ الرجوعُ وأيُّ دربٍ
وقد حلَّ الظلامُ وأنقطعَ البريقْ؟
فلن تُعين أطنانُ السلاحِ على الرجوعِ
أو الحروبُ ومهما أزكتْ من حريقْ
ولا الوعيدُ ومَلءُ وسائلِ الإعلامِ شتماً
أو الشعاراتُ المنمَّقةْ والزعيقْ
ولا ذبحُ المبادئِ وطَرْقُ ابوابِِ العدوِ
أو الدراهمُ والمباهجُ والوريقْ
فقد طرقنا كلَّ ذلك منذُ عهدٍ
وما أودى بنا إلا إلى الدَرْكِ السحيقْ
إذاً ما الحلُّ وقد تباينت الرُؤى
وصرنا كمن في التيهِ ماضٍ أو غريقْ
الحلُّ في نفسي ونفسِكَ يا آخي
بالسُوءِ تأمُرُنا وتأبى أن نفيقْ
فقد بًعُدَتْ عن القيمِ الأصيلةِ منذُ عهدٍ
وإن بقيتْ مع الأُمِّ الحبيبةِ والشقيقْ
وجفَّ النبعُ .. نبعُ الخيرِ فيها
فتوسَّعتْ طمعاً وإجراماً وضِيقْ
وصارَ القلبُ مِثلَ الصخرِ صَلداً
فأسالت الأنهارَ من دمِنا تُرِيق
وزادَ وزنُ المالِ والسلطانِ فيها
فتشبثت بالذات ضحَّت بالفريق
إذاً فالنفسُ مُرغَمةً تعودُ
إلى دارفور تُطفئُ ألْسِنةَ الحريقْ
فلنزجرَ النفسَ المُسيئةَ ترتدعْ
وتستلهم التاريخَ والماضي العريقْ
ولنهزمَ اليأسَ المُدمِّرَ والتراخي
ـ نُشرت هذه القصيدة فى موقع دنيا الرأى رابط :